الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.تَنْبِيهَاتٌ: .الْأَوَّلُ: أَهْلُ الصِّنَاعَةِ يُطْلِقُونَ الزَّائِدَ عَلَى وُجُوهٍ: وَمَعْنَى كَوْنِهِ زَائِدًا أَنَّ أَصْلَ الْمَعْنَى حَاصِلٌ بِدُونِهِ دُونَ التَّأْكِيدِ فَبِوُجُودِهِ حَصَلَ فَائِدَةُ التَّأْكِيدِ وَالْوَاضِعُ الْحَكِيمُ لَا يَضَعُ الشَّيْءَ إِلَّا لِفَائِدَةٍ. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنِ التَّوْكِيدِ بِالْحَرْفِ وَمَا مَعْنَاهُ إِذْ إِسْقَاطُ الْحَرْفِ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى؟ فَقَالَ: هَذَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الطِّبَاعِ إِذْ يَجِدُونَ أَنْفُسَهُمْ بِوُجُودِ الْحَرْفِ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ لَا يَجِدُونَهُ بِإِسْقَاطِ الْحَرْفِ قَالَ وَمِثَالُ ذَلِكَ مِثَالُ الْعَارِفِ بِوَزْنِ الشِّعْرِ طَبْعًا فَإِذَا تَغَيَّرَ الْبَيْتُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَنْكَرَهُ وَقَالَ: أَجِدُ نَفْسِي عَلَى خِلَافِ مَا أَجِدُهُ بِإِقَامَةِ الْوَزْنِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْحُرُوفُ تَتَغَيَّرُ نَفْسُ الْمَطْبُوعِ عِنْدَ نُقْصَانِهَا وَيَجِدُ نَفْسَهُ بِزِيَادَتِهَا عَلَى مَعْنًى بِخِلَافِ مَا يجدها بنقضانه. .الثَّانِي: .الثَّالِثُ: .فصل: في حروف الزيادة: وَحُرُوفُ الزِّيَادَةِ سَبْعَةٌ إِنْ وَأَنْ وَلَا وَمَا وَمِنْ وَالْبَاءُ وَاللَّامُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَأْتِي فِي بَعْضِ الْمَوَارِدِ زَائِدَةً لَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلزِّيَادَةِ ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ الزَّوَائِدِ فِيهَا فَقَدْ زَادُوا الْكَافَ وَغَيْرَهَا بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الزِّيَادَةِ أن تكون بها. .زيادة (إن): أَيْ فَمَا حَدِيثٌ. فَزَادَ (إِنْ) لِلتَّوْكِيدِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنِ الْخَفِيفَةُ زَائِدَةٌ فَجَمَعُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا النَّافِيَةِ تَأْكِيدًا لِلنَّفْيِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرَارِهَا فَهُوَ عِنْدَ الْفَرَّاءِ مِنَ التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنَ التَّأْكِيدِ الْمَعْنَوِيِّ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ مكناهم فيما إن مكناكم فيه}:أَنَّهَا زَائِدَةٌ. وَقِيلَ نَافِيَةٌ وَالْأَصْلُ: (فِي الَّذِي مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) بِدَلِيلِ: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لم نمكن لكم} وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا عَدَلَ عَنْ مَا لِئَلَّا تَتَكَرَّرُ فَيُثْقُلُ اللَّفْظُ. وَوَهِمَ ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهَا تُزَادُ بَعْدَ (لَمَّا) الْإِيجَابِيَّةُ وَإِنَّمَا تِلْكَ في (أن) المفتوحة. .زيادة (أن): وَجَعَلَ الْأَخْفَشُ مِنْ زِيَادَتِهَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ}، {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. وَقِيلَ: بَلْ هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ وَالْأَصْلُ: (وَمَا لَنَا فِي أَلَّا نَفْعَلَ كَذَا)! فَلَيْسَتْ زَائِدَةً لِأَنَّهَا عملت النصب في المضارع. .زيادة (ما): والكافة إِمَّا أَنْ تَكُفَّ عَنْ عَمَلِ النَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَهِيَ الْمُتَّصِلَةُ بِإِنَّ وَأَخَوَاتِهَا، نَحْوَ: {إِنَّمَا اللَّهُ إله واحد} {كأنما يساقون إلى الموت} وَجَعَلُوا مِنْهَا {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العلماء}، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً بِمَعْنَى (الَّذِي) وَ: (الْعُلَمَاءُ) خَبَرٌ وَالْعَائِدُ مُسْتَتِرٌ فِي (يَخْشَى) وَأُطْلِقَتْ (مَا) عَلَى جَمَاعَةِ الْعُقَلَاءِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانكم} وَإِمَّا أَنْ تَكُفَّ عَنْ عَمَلِ الْجَرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وَقِيلَ: بَلْ مَوْصُولَةٌ، أَيْ (كَالَّذِي هُوَ لَهُمْ آلِهَةٌ). وَغَيْرُ الْكَافَّةِ تَقَعُ بَعْدَ الْجَازِمِ نَحْوَ: {وإما ينزغنك}، {أيا ما تدعوا}. {أينما تكونوا}. وبعد الخافض حرفا كان: {فبما رحمة من الله}. {فبما نقضهم ميثاقهم}. {عما قليل}. {مما خطيئاتهم} أو اسما نحو: {أيما الأجلين قضيت}. وَتُزَادُ بَعْدَ أَدَاةِ الشَّرْطِ جَازِمَةً، كَانَتْ نَحْوَ: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. أَوْ غَيْرَ جَازِمَةٍ، نَحْوَ: {حَتَّى إِذَا مَا جاءوها شهد عليهم سمعهم}. وَبَيْنَ الْمَتْبُوعِ وَتَابِعِهِ، نَحْوَ: {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً}، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَا حَرْفٌ زَائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ عِنْدَ جميع البصريين. وَيُؤَيِّدُهُ سُقُوطُهَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ: (بعوضة) بدلا وَقِيلَ: (مَا) اسْمُ نَكِرَةٍ صِفَةٌ لِـ: (مَثَلًا) أَوْ بَدَلٌ وَ: (بَعُوضَةً) عَطْفُ بَيَانٍ. وَقِيلَ: في قوله: {فقليلا ما يؤمنون} بِأَنَّهَا زَائِدَةٌ لِمُجَرَّدِ تَقْوِيَةِ الْكَلَامِ، نَحْوَ: {فبما رحمة} و: (قليلا) فِي مَعْنَى النَّفْيِ أَوْ لِإِفَادَةِ التَّقْلِيلِ كَمَا فِي نَحْوِ: (أَكَلْتُ أَكْلًا مَا)، وَعَلَى هَذَا فيكون: (فقليلا بعد قليل). .زيادة (لا): وَتُزَادُ بَعْدَ (أَنِ) الْمَصْدَرِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}، أَيْ لِيَعْلَمَ وَلَوْلَا تَقْدِيرُ الزِّيَادَةِ لَانْعَكَسَ الْمَعْنَى فَزِيدَتْ (لَا) لِتَوْكِيدِ النَّفْيِ قَالَهُ ابْنُ جِنِّي. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ مَلْكُونَ، بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ نَفْيٌ حَتَّى تَكُونَ هِيَ مُؤَكِّدَةٌ لَهُ. وَرَدَّ عَلَيْهِ السكونى بِأَنَّ هُنَا مَا مَعْنَاهُ النَّفْيُ وَهُوَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ: {أَلَّا يَقْدِرُونَ على شيء}، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ وُقُوعِ النَّفْيِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمُرَادُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ كَقَوْلِهِ: (مَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا زَيْدًا) فَأَبْدَلْتَ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي (يَقُولُ) مَا بَعْدَ (إِلَّا) وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي النَّفْيِ فَكَمَا كَانَ النَّفْيُ هُنَا وَاقِعًا عَلَى الْعِلْمِ وَحُكِمَ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بحكمه كذلك يكون تأكيدا النفي أيضا على ما وقع علي العلم ويحكم للعلم بحكم النفي فيدخل عل الْعِلْمِ تَوْكِيدُ النَّفْيِ وَالْمُرَادُ تَأْكِيدُ نَفْيِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ. وَإِذَا كَانُوا قَدْ زَادُوا لَا فِي الْمُوجَبِ الْمَعْنَى لَمَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِعْلٌ مَنْفِيٌّ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ}، الْمَعْنَى (أَنْ تَسْجُدَ)، فَزَادَ (لَا) تَأْكِيدًا لِلنَّفْيِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي تَضَمَّنَهُ (مَنَعَكَ) فَكَذَلِكَ تُزَادُ (لَا) فِي الْعِلْمِ الْمُوجَبِ تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْمُوَجَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّلُوبِينُ: وَأَمَّا زِيَادَةُ (لَا) في قوله: {لئلا يعلم أهل الكتاب}، فَشَيْءٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ إِلَّا عَلَى زِيَادَةِ (لَا) فِيهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا بَعْدَهُ يَقْتَضِيهِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَاصِمٍ وَالْحُمَيْدِيِّ: {لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ (لِكَيْ يَعْلَمَ) وَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ تَفْسِيرٌ لِزِيَادَتِهَا وَسَبَبُ النُّزُولِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنَّا وَكَفَرُوا مَعَ ذَلِكَ بِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} الآية. ومنه: {ما منعك أن لا تسجد}، بِدَلِيلِ الْآيَةِ الْأُخْرَى {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ}، وَلَيْسَ الْمَعْنَى مَا مَنَعَكَ مِنْ تَرْكِ السُّجُودِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّوْبِيخُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ مَا دَعَاكَ إِلَى أَلَّا تَسْجُدَ لِأَنَّ الصَّارِفَ عَنِ الشَّيْءِ دَاعٍ إِلَى تَرْكِهِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْفِعْلِ. الثَّانِي: أَنَّ التَّقْدِيرَ مَا مَنَعَكَ مِنْ أَلَّا تَسْجُدَ. وَهَذَا أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ إِبْقَاءُ الْمَنْعِ عَلَى أَصْلِهِ وَعَدَمُ زِيَادَتِهَا أَوْلَى لِأَنَّ حَذْفَ حَرْفِ الْجَرِّ مَعَ (أَنْ) كَثِيرٌ كَثْرَةً لَا تَصِلُ إِلَى الْمَجَازِ وَالزِّيَادَةِ فِي دَرَجَتِهِ. قَالُوا: وَفَائِدَةُ زِيَادَتِهَا تَأْكِيدُ الْإِثْبَاتِ فَإِنَّ وَضْعَ (لَا) نَفْيُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِلْإِثْبَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حُصُولَ الْحُكْمِ مَعَ الْمُعَارِضِ أَثْبَتُ مِمَّا إِذَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ الْمُعَارِضُ أَوْ أَسْقَطَ مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْقُطَ وَمِنْهُ: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضلوا ألا تتبعن}. وَقِيلَ: وَقَدْ تُزَادُ قَبْلَ الْقَسَمِ نَحْوَ: {فَلَا أقسم برب المشارق والمغارب} {فلا أقسم بمواقع النجوم}. {لا أقسم بيوم الْقِيَامَةِ}، أَيْ أُقْسِمُ بِثُبُوتِهَا. وَضُعِّفَ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَدْرًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا لِوُقُوعِهَا بين الفا وَمَعْطُوفِهَا. وَقِيلَ: زِيدَتْ تَوْطِئَةً لِنَفْيِ الْجَوَابِ، أَيْ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يُتْرَكُونَ سُدًى. وَرَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} الْآيَاتِ. فَإِنَّ جَوَابَهُ مُثْبَتٌ وَهُوَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في كبد}. وَقِيلَ: غَيْرُ زَائِدَةٍ. وَقِيلَ: هِيَ رَدٌّ لِكَلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِادِّعَاءُ فِي سُورَةٍ وَالرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي أُخْرَى فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى (لَا) هَذِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ}. فَقِيلَ: زَائِدَةٌ لِيَصِحَّ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الشِّرْكُ. وَقِيلَ: نَافِيَةٌ أَوْ نَاهِيَةٌ. وَقِيلَ: الْكَلَامُ تَمَّ عند قوله: {حرم ربكم}، ثم ابتدأ: {عليكم ألا تشركوا به}. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يؤمنون}، فِيمَنْ فَتَحَ الْهَمْزَةَ فَقِيلَ (لَا) زَائِدَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ عُذْرًا لِلْكُفَّارِ. وَرَدَّهُ الزَّجَّاجُ: بِأَنَّهَا نَافِيَةٌ فِي قِرَاءَةِ الْكَسْرِ4 فَيَجِبُ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ الْفَتْحِ. وَقِيلَ: نَافِيَةٌ وَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ أَيْ وَأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أنهم لا يرجعون}. وَقِيلَ: (لَا) زَائِدَةٌ وَالْمَنْعُ: مُمْتَنِعٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ قَدَّرْنَا إِهْلَاكَهُمْ لِكُفْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَنِ الْكُفْرِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. وَعَلَى هَذَا فَـ: (حَرَامٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وُجُوبًا لِأَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ أَنَّ (وَصِلَتُهَا). وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثم يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا} عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ {يَأْمُرَكُمْ} عَطْفًا عَلَى {يُؤْتِيَهُ} فَـ: (لَا) زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى النَّفْيِ السَّابِقِ. وَقِيلَ: عُطِفَ عَلَى {يَقُولَ}، وَالْمَعْنَى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُنَصِّبَهُ اللَّهُ لِلدُّعَاءِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَتَرْكِ الْأَنْدَادِ ثُمَّ يَأْمُرَ النَّاسَ بِأَنْ يَكُونُوا عِبَادًا لَهُ وَيَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا. وَقِيلَ: لَيْسَتْ زَائِدَةً لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَنْهَى قُرَيْشًا عَنْ عِبَادَةِ الملائكة وأهل الكتاب عن عبادة عزيز وَعِيسَى فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: أَنَتَّخِذُكَ رَبًّا؟ قِيلَ لَهُمْ: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ثُمَّ يَأْمُرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَيَنْهَاهُمْ عن عبادة الملائكة والأنبياء.
|